أقل عدد ركعات في التراويح

أقل عدد ركعات في صلاة التراويح

صلاة التراويح هي من السنن المؤكدة في شهر رمضان المبارك، وتمثل عبادة روحية مميزة يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى في ليالي هذا الشهر الفضيل. هذه الصلاة، التي تقام بعد صلاة العشاء، تحمل في طياتها الكثير من الفضائل، وتختلف في عدد ركعاتها بين المذاهب الفقهية، وبين ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم. في هذا المقال، سنناقش بالتفصيل مفهوم صلاة التراويح، وأقل عدد ركعاتها، ومظاهر اختلاف العلماء حولها، مع توضيح الأحكام الفقهية المتعلقة بها.

تعريف صلاة التراويح وأهميتها في الإسلام

صلاة التراويح هي صلاة نافلة تُقام بعد صلاة العشاء في شهر رمضان، وهي من السنن التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لما لها من أثر كبير في تقوية الإيمان، وزيادة القرب من الله، وتحقيق الخشوع الروحي. التراويح من السنن الرواتب التي ينصح بها كل مسلم، وتُعتبر فرصة لإحياء الليالي الرمضانية بالذكر والقيام.

الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه». وهذا الحديث يُفسر على أن قيام الليل في رمضان، ومنها التراويح، سبب لمغفرة الذنوب والرحمة الإلهية.

أصول صلاة التراويح في السنة النبوية

كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي التراويح في المسجد مع أصحابه، لكن لم يداوم عليها جماعة كل ليلة، خوفًا من أن تُفرض على الأمة. وقد ثبت في الحديث أن الخلفاء الراشدين، خصوصًا الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، كانوا من أوائل من جمع الناس على صلاة التراويح جماعة في المسجد لتيسير الأمر ورفع الاستحباب.

في عهد عثمان رضي الله عنه، كُثر الناس في المسجد لصلاة التراويح، فخشا أن تكون فرضًا على الناس، فقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، وجمع الناس لصلاة التراويح في المسجد مرة واحدة.

عدد ركعات صلاة التراويح

إن عدد ركعات صلاة التراويح لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم تحديدًا في نص واضح يجعل عدد الركعات ثابتًا عند الجميع، مما أدى إلى اختلاف العلماء في تحديد العدد الأدنى والأكثر استحبابًا.

1. عدد ركعات التراويح عند الصحابة:

   • كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي التراويح مع أصحابه، وقد ثبت أنه صلى بهم 8 ركعات، وهناك روايات عن الإمام مالك وبعض العلماء أن النبي كان يكتفي بهذه الركعات.

   • في عهد الخلفاء الراشدين، كان عدد الركعات يتراوح بين 8 إلى 20 ركعة، حسب المكان والزمان.

2. عدد ركعات التراويح في المذاهب الفقهية:

   • المالكية والشافعية والحنابلة: يُستحب أن تكون صلاة التراويح 20 ركعة، على أربع مجموعات من ركعتين، ويتبعها صلاة الوتر.

   • الحنفية: يصليها 20 ركعة أيضًا، مع سنة الفجر والوتر.

   • بعض العلماء والمذاهب الأخرى: أباحوا أقل من ذلك، معتبرين 8 ركعات كافية، اعتمادًا على السنة النبوية.

أقل عدد ركعات في صلاة التراويح

بحسب الأحاديث والسيرة النبوية، فإن أقل عدد ركعات التراويح التي يمكن أن تُصلى صحيح شرعًا هو ثماني ركعات. وهذا العدد يرتكز على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، وهو ما ثبت في عدة أحاديث صحيحة.

وقد قال الإمام النووي في كتابه (المجموع): “صلاة التراويح عند جمهور العلماء تكون ثماني ركعات على أقل تقدير.”

وهذا العدد يُعد كافيًا ومقبولًا، فلا حرج على المسلم إذا صلى التراويح ثماني ركعات، لا تزيد أو تنقص، ويُتبعها بصلاة الوتر.

تفاصيل وأحكام صلاة التراويح

• وقت صلاة التراويح: تبدأ بعد صلاة العشاء مباشرة وتمتد حتى قبل صلاة الفجر.

• طريقة الصلاة: تصلى ركعتين ركعتين، كما ورد في الأحاديث، حيث كان النبي يصلي قيام الليل عادةً على هذا الشكل.

• الترتيل في القرآن: يُفضل أن يتم قراءة القرآن في التراويح بتدبر وترتيل، لما في ذلك من فضل عظيم وزيادة الخشوع.

• عدد الركعات لا يمنع من الصلاة: سواء صلَّى المسلم أقل أو أكثر من العدد الشائع، فإنها نافلة، ومثوبة عليه.

مقارنة بين أعداد ركعات التراويح في العصور المختلفة

فوائد صلاة التراويح

صلاة التراويح تحمل الكثير من الفوائد الروحية والنفسية، حيث تعتبر وسيلة لتقوية الروحانية، وزيادة الأجر والثواب، وتنمية الإحساس بالخضوع والتذلل لله، كما تساعد في تقوية الصبر والمثابرة. وأيضًا لها دور في تحسين صحة الجسم بسبب الحركة المستمرة في الركوع والسجود.

العلاقة بين عدد الركعات وخشوع الصلاة

الخشوع في الصلاة هو الركن الأساسي لقبولها، ويفوق بكثير عدد الركعات، فإذا كان المسلم يصلي 8 ركعات بخشوع وترتيل وتدبر، فإنه بذلك يؤدي عبادة كاملة مقبولة، وقد ورد في الحديث الشريف أن أفضل الصلاة ما كان أقصرها وأكثرها خشوعًا.

الخلاصة

صلاة التراويح سنة مؤكدة في شهر رمضان، وأقل عدد ركعاتها شرعًا هو ثماني ركعات، وهذا العدد مستند إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم. بينما المذاهب الفقهية تفضل في الغالب أداء عشرين ركعة، لكن هذا لا يعني أن أقل من ذلك غير مقبول، بل هو جائز ومشروع. المهم في صلاة التراويح هو الخشوع والتدبر في قراءة القرآن، وليس العدد فقط.

المصادر والمراجع

• صحيح البخاري، كتاب التهجد والقيام.

• كتاب “المجموع شرح المهذب” للإمام النووي.

• “الفقه الإسلامي وأدلته” للدكتور وهبة الزحيلي.